من يعرف رئيس الجمهورية ميشال عون يدرك أنه لن يقبل أن يكون عهده كأي عهد آخر، فهو أتى حاملاً معه عناوين إصلاحية كثيرة يسعى الى ترجمتها أفعالاً، وأولها ستكون في تشكيل حكومة العهد الأولى، وهي بالنسبة إليه تلك التي ستشكل بعد الإنتخابات النيابية التي ستجري في أيار المقبل.
وحتى ذلك الحين، تبقى معالم الحكومة التي يفترض أن تكون حكومة انتخابات غير واضحة حتى الساعة، في وقت يستمرّ رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري بإجراء المشاورات لإنجاز تشكيلتها النهائية.
بين الاستقلال والميلاد
مع إنتخاب ميشال عون رئيساً وتكليف سعد الحريري بتشكيل الحكومة، بدأ الحديث جدياً عن سعي لإعلان الحكومة في عيد الإستقلال لسببين، الاول هو لرمزية هذا العيد ومن ثمّ لإستثمار هذا الاعلان يوم العيد كحدث وطني في محاولة لإنتاج المزيد من قوّة الدفع المؤسساتية. إلا أن الكاتب والمحلل السياسي خليل فليحان يرفض هذه المقولة، إذ يوضح لـ"النشرة" أن "لا أحد يمكنه التكهّن بمدّة زمنية معينة لتشكيل الحكومة"، مضيفاً: "صحيح أن الحريري مستعجل على التأليف، ولكن كان من الخطأ تحديد موعد قريب لتشكيلها خصوصاً وأنه عند كلّ مفترق طريق تذلل عقدة لتبرز أخرى".
أما المحلل السياسي وسيم بزي فيستبعد من جهته عبر "النشرة" أن تبصر الحكومة النور في غضون عشرة أيام، أي في عيد الاستقلال، معتبراً في نفس الوقت أنه "بظل خروج الراعي السوري من لبنان وتحول تشكيل الحكومة الى فولكلور تتداخل فيه الطوائف والأحزاب وبظل الساتيتكو القائم، أصبح عامل الوقت غير ذي قيمة، ولكن ورغم ذلك فإنه من المتوقع أن تولد هذه الحكومة ما بين الاستقلال وعيد الميلاد كحدّ أقصى".
عقبات التأليف
"العقبات ذات الوزن السياسي الكبير أمام تأليف الحكومة باتت أقلّ بكثير فهناك جهات عارضت إنتخاب عون ولكنها ترغب في الإنخراط بالحكومة". هذا ما يراه بزي، شارحاً أن "هناك ثلاث عقبات أساسية تؤخر ولادة الحكومة أولها تمسك القوات اللبنانية بحقيبة سيادية"، لافتاً الى أن "هذه العقدة باتت ممكنة الحل في ظل التخلي عن الحقيبة السيادية في مقابل نيلهم ثلاثة حقائب، واحدة منها خدماتية".
إلا أن فليحان يرى أن "المشكلة مع القوات لن تحلّ ببساطة لأنهم متمسكون بحقيبة سيادية ولن يتنازلوا عنها مهما حصل ووصلوا الى حد المطالبة بالخارجية"، مشيراً الى أن "القوات وعلى لسان نائب رئيسها جورج عدوان أنه إذا لم تكن الحقيبة السيادية من حصة "القوات" فإننا قد نصل الى عدم المشاركة في الحكومة".
عليا عباس في المالية
أما العقدة الثانية وبحسب بزي وفليحان فهي في تمثيل تيار "المردة" وأي حقيبة سينالون، لتبقى العقدة الثالثة والاهمّ وهي تكمن في وزارة المالية. وهنا يلفت بزي الى "أننا إنتقلنا من عقدة بقاء وزارة المالية مع الطائفة الشيعية وقد حسم هذا الأمر لناحية بقائها مع حركة "أمل" الى توزير علي حسن خليل".
هنا يشير فليحان إلى أنّ "رئيس مجلس النواب نبيه بري حاول أن يشيع أجواء أخرى مفادها أن هذه العقدة لها حلها وأنه وإذا كان لدى "التيار الوطني الحر" مآخذ على وزير المال السابق ولهذا السبب وضعوا "فيتو" عليه فإن هناك البديل"، كاشفاً أن "بري رشح مدير عام وزارة الاقتصاد عليا عباس لمنصب وزيرة المالية بديلا عن علي حسن خليل وبالتالي تكون حلّت المشكلة"، وهو ما كانت "النشرة" قد كشفته فيخبر خاصبالأمس.
لم تتضح حتى الساعة الصورة النهائية لتشكيل الحكومة، مع استمرار المطالب والمطالب المضادة وتناتش الحصص بين مختلف الأفرقاء، ليبقى الأكيد هو سعي كلّ من رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة المكلف للتأليف بأسرع وقت!